إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
87960 مشاهدة
بيان أن التفسير الغالب عليه المراسيل

ومعلوم أن المنقول في التفسير أكثره كالمنقول في المغازي والملاحم، يعني أكثر ما نقل في التفسير مثل ما نقل في المغازي، المغازي كتب فيها العلماء كثيرا، وكذلك الفتن والملاحم يقول الإمام أحمد ثلاثة أمور ليس لها إسناد: التفسير والملاحم والمغازي يعني أن أكثر الناس يروونها بدون إسناد، أما التفسير ففيه كثير روي بالأسانيد ولكن غالبه موقوف، فمثلا ابن جرير يرويها بالأسانيد وابن أبي حاتم يروي أثرا ثم يقول: وروي عن فلان وفلان وفلان مثل ذلك، كذلك أيضا المغازي كتب فيها علماء كمحمد بن إسحاق صاحب السيرة وكذلك موسى بن عقبة وغيرهم ممن كتبوا في المغازي وفي السيرة النبوية، في الغالب أن أكثرها نقل قد لا يتثبتون من الأحاديث فيأخذونها من أفواه الرجال، دون أن يقول ذلك الذي حدث بها: إني سمعته من فلان، فيذكرون المغازي والفتوحات؛ المغازي التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- والفتوحات التي في عهد الخلفاء الراشدين كفتح الشام وفتح العراق وفتح مصر وفتح اليمن وفتح المغرب والمشرق، غالبا أنها ليس لها أسانيد وإنما تروى بالنقل، فيقول الكاتب: حدث كذا وكذا اجتمع من القوم كذا وغزوا إلى كذا وأشباه ذلك.
كذلك الملاحم وهي الفتن التي وقعت بين الصحابة كالقتال الذي حدث في قصة قتل عثمان ووقعة الجمل ووقعة صفين ثم القتال الذي حصل في عهد ابن الزبير حتى قُتِلَ ثم وقعة الحرة وما أشبه ذلك، فالغالب أنها ليس لها أسانيد وإنما تروى بالتناقل بالنقل، ولا يزال الناس إلى الآن الملاحم وكذلك الوقائع والتاريخ إنما يعتمدون فيه على نقل واحد عن واحد.
يقول: ليس لها أي أصل أي ليس لها إسناد، الغالب عليها المراسيل، مثل ما يذكره عروة بن الزبير الذي يذكر كثيرا من الوقائع الشعبي عامر بن شراحيل من حفاظ التابعين والزهري محمد بن مسلم بن شهاب وموسى بن عقبة صاحب السيرة ومحمد بن إسحاق صاحب السيرة ومن بعدهم كيحيى بن سعيد الأموي والوليد بن مسلم والواقدي ونحوهم في المغازي إلا أن الواقدي واسمه محمد بن عمر غير ثقة يروي عنه كثيرون كمحمد بن سعد في الطبقات يعتمده في كثير من التراجم ولكن ضعفه في الحديث وضعفه في النقل وله كتاب مطبوع اسمه المغازي، وفيه قصص عجيبة طويلة يتعجب من وقوعها، يغلب أن فيها شيئا من المبالغة، ولو أنه يقول في أثناء بعضها: إننا نتحرى إننا نعتمد الصدق إننا نقول كذا وكذا، ولكن وقع فيها مبالغات تدل على أن فيها ما هو كذب.